الكفر اﻷصغر في القرآن

nzeer

الشيخ ماجد الراشد

مقدمة ؛

المعتزلة والخوارج وجميع أهل البدع يضعون قاعدة بعقولهم ثم يلوون أعناق النصوص من أجلها، ويفسرون القرآن بغير تفسير السلف فيضلون ويضلون،

وهكذا المناهجة ابتدعوا المنهج في الإسلام ، وأنه دين الخاصة كما غرد بذلك المقدسي! واستدل بآية المائدة وأتى بتفسير فيها لم يقل به أحد من أهل السنة، وإنما هو قول الصوفية والرافضة،

ومن ذلك قول الشيخ أبي قتادة؛ لا يوجد في القرآن كفر أصغر !!!

لماذا؟

حتى لا نقول آيات الحاكمية كفرها أصغر!!!

وأقول؛ الحمدلله لقد عرفنا مقدار ما عندك من العلم، وسنرى مقدار ما عندك من الصدق والرجوع للحق بعد هذا المقال، ولقد استعرضت آيات القرآن في بضعة أيام واخترت ما ترجح لي أنها في الكفر الأصغر وتركت ما ترجح لي أنها في الكفر الأكبر حتى لا أدع مجالا للتشكيك بالمقال بسبب خلاف في آية، ويكفيني أني أثبت بالتفصيل كل ما قيل في آيات الحاكمية في صرخة نذير رقم 17 ، وما تراه الآن هو زيادة في الحجة،

والجواب على قولك؛ لا يوجد في القرآن كفر أصغر بجوابين؛

الجواب الأول هو الجواب المجمل؛ 

 أولا ؛ من قال بهذا القول من العلماء قبلك؟

من له أدنى علم بالتفسير يعلم أن أقوال المفسرين كثيرة في ذلك،

لا تبتدع قولا ثم تزعم أنه منهج أهل السنة،

ثانيا؛ في مواضع كثيرة من القرآن تفسر لفظ؛ كفر بالمعنى اللغوي وهو الجحود والستر والمغفرة والمحو والتغطية، ولا يصح تفسيرها بالكفر الأكبر ولا اﻷصغر، فكيف تقول؛ الكفر في القرآن هو الكفر الأكبر فقط،

ثالثا؛ لو سلمت لك جدلا أن القرآن ليس فيه كفر أصغر فالسنة قرينة القرآن وفيها آلاف من الأمثلة على الكفر اﻷصغر، وقد بوب البخاري؛ باب كفران العشير وكفر دون كفر، ثم ذكر الأدلة تحته، ومن أبواب صحيح مسلم؛ إطلاق لفظ الكفر على غير الكفر بالله ككفر النعمة والحقوق، ثم ذكر الأدلة تحته،

رابعا؛ سأبطل قاعدتك بذكر الآيات التي وردت في القرآن على أنها كفر أصغر بأقوال المفسرين، ومع وجود الخلاف في بعضها يبقى الهدف هو أن قولك محدث، وأن الكفر اﻷصغر موجود في كلام المفسرين للقرآن،

خامسا؛ سأشير إلى الآيات التي لا يصح تفسيرها بالكفر الشرعي؛ لا أكبر ولا أصغر، فإن القرآن نزل بلغة العرب ليخاطبهم بما يعرفونه من اللغة لا بما هو جديد عليهم،

الجواب الثاني هو الجواب المفصل بذكرها ولا أزعم الحصر؛

1 ) قال تعالى؛ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ:

قال القرطبي ؛ ولا تكفرون؛ أي لا تكفروا نعمتي وأيادي، فالكفر هنا ستر النعمة لا التكذيب.

وقال البغوي؛ واشكروا لي ولا تكفرون؛ يعني واشكروا لي بالطاعة ولا تكفروني بالمعصية فإن من أطاع الله فقد شكره ومن عصاه فقد كفره.

وقال السعدي؛ ولما كان الشكر ضده الكفر, نهى عن ضده فقال: وَلَا تَكْفُرُونِ؛ المراد بالكفر هاهنا ما يقابل الشكر, فهو كفر النعم وجحدها, وعدم القيام بها، ويحتمل أن يكون المعنى عاما, فيكون الكفر أنواعا كثيرة, أعظمه الكفر بالله.

قال أبو سياف؛ الكفر في اﻵية هو اﻷصغر يقينا ﻷن في اﻵية قرائن تدل عليه؛

منها: كلمة الشكر فإن ضدها كفر النعم، ولم يقل؛ وآمنوا بي ولا تكفرون، وهذه أقوى الطرق في التفسير،

ومنها: جملة فاذكروني أذكركم، فإنها دعوة للارتقاء في مراتب الإسلام، ومنها الشكر وعدم الكفر،

ومنها: سياق اﻵيات التي قبلها وبعدها خطاب للمؤمنين، والمؤمن ينهاه الله عن اﻷصغر مع اﻷكبر،

ومنها: أن من بلاغة القرآن حمله على اﻷصغر ﻷن النهي عن اﻷصغر يدخل فيه كل ما هو أكبر منه،

2 ) قال تعالى؛ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ، 

قال الطبري والقرطبي والبغوي وغيرهم ؛ نزلت هذه اﻵية في شاس اليهودي الذي حرش بين الأوس والخزرج فأخذوا السلاح للقتال وكادوا يقتتلون لولا النبي صلى الله عليه وسلم، والمعنى؛ إن حملتم السلاح فاقتتلتم كفرتم، كما في الصحيحين <سباب المسلم فسوق وقتاله كفر>.

فالكفر في هذه اﻵية والتي بعدها هو الكفر اﻷصغر،ويدخل فيها الكفر اﻷكبر من باب أولى وهو من بلاغة القرآن، ومما يؤيد ذلك؛ اﻵيات التي بعدها؛

وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ۗ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ،…إلى قوله؛ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا…..

3)قال تعالى؛ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ:

قال الطبري؛ : وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ أَيّهَا الْقَوْم نِعْمَة اللَّه فَجَحَدْتُمُوهَا بِتَرْكِ شُكْره عَلَيْهَا وَخِلَافه فِي

 أَمْره وَنَهْيه وَرُكُوبكُمْ مَعَاصِيه إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيد،

وقال ابن كثير؛ ولئن كفرتم ؛ أي كفرتم النعم وسترتموها وجحدتموها،

وقال البغوي؛ ولئن كفرتم؛ نعمتي فجحدتموها ولم تشكروها،

وقال القرطبي؛ أي جحدتم حقي ، وقيل ؛ نعمي،

قال أبو سياف؛ الكفر في هذه اﻵية هو الأصغر لقرائن؛

منها؛ لفظ الشكر في اﻵية يقابله كفر النعم،

ومنها؛ لفظ الزيادة فإنها تدل على زيادة النعم،

ومنها؛ أن الخطاب فيها للمؤمنين من قوم موسى، وقد أمتن الله عليهم بنعم كثيرة كما في اﻵيات التي قبلها، والمؤمن ينهى عن الكفر الأصغر مع اﻷكبر،

ومنها؛ أن الآية التي بعدها في الكفر الأكبر، وبلاغة القرآن تقتضي عدم التكرار،

ومنها؛ أن بلاغة القرآن تقتضي النهي عن كل كفر، فحملها على اﻷصغر يدخل فيها الأكبر من باب أولى، أما عند حملها على الكفر الأكبر فلا يدخل فيها الكفر الأصغر.

4)قال تعالى؛ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ:

قال البغوي؛ ومن كفر بعد ذلك؛ أراد به كفران النعمة ، ولم يرد الكفر بالله، فأولئك هم الفاسقون؛ العاصون لله، قال أهل التفسير : أول من كفر بهذه النعمة وجحد حقها الذين قتلوا عثمان رضي الله عنه ، فلما قتلوه غير الله ما بهم وأدخل عليهم الخوف حتى صاروا يقتتلون بعد أن كانوا إخوانا. انتهى كلامه.

وقال القرطبي؛ ومن كفر بعد ذلك؛ أي بهذه النعم، والمراد كفران النعمة لأنه قال تعالى: فأولئك هم الفاسقون، والكافر بالله فاسق بعد هذا الإنعام وقبله.

قال أبو سياف؛ الوعد الرباني في هذه الآية تحقق للصحابة، ولن يتحقق لأناس يحررون المحرر ويستبيحون الدماء ويشرعنون الاغتيالات، ويكفرون من خالفهم بما ليس بمكفر عند العلماء، هذا فساد واجرام وليس جهاد ونهايته الاستبدال.

5 ) قال تعالى عن سليمان عليه السلام لما رأى عرش بلقيس أمامه؛

فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ:

قال الطبري؛ وَقَوْله : قَالَ هَذَا مِنْ فَضْل رَبِّي لِيَبْلُوَنِي، يَقُول : هَذَا الْبَصَر وَالتَّمَكُّن وَالْمُلْك وَالسُّلْطَان الَّذِي أَنَا فِيهِ حَتَّى حُمِلَ إِلَيَّ عَرْش هَذِهِ فِي قَدْر اِرْتِدَاد الطَّرْف مِنْ مَأْرِب إِلَى الشَّام  مِنْ فَضْل رَبِّي الَّذِي أَفَضَلَهُ عَلَيَّ وَعَطَائِهِ الَّذِي جَادَ بِهِ عَلَيَّ، لِيَبْلُوَنِي، يَقُول : لِيَخْتَبِرَنِي وَيَمْتَحِننِي، أَأَشْكُرُ ذَلِكَ مِنْ فِعْله عَلَيَّ، أَمْ أَكْفُر نِعْمَته عَلَيَّ بِتَرْكِ الشُّكْر لَهُ؟

ثم قال الطبري؛ وقوله؛ِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ: يَقُول : وَمَنْ كَفَرَ نِعَمه وَإِحْسَانه إِلَيْهِ، وَفَضْله عَلَيْهِ، لِنَفْسِهِ ظَلَمَ، وَحَظّهَا بَخَسَ، وَاَللَّه غَنِيّ عَنْ شُكْره، لَا حَاجَة بِهِ إِلَيْهِ، لَا يَضُرّهُ كُفْر مَنْ كَفَرَ بِهِ مِنْ خَلْقه، كَرِيم، وَمِنْ كَرَمه إِفْضَاله عَلَى مَنْ يَكْفُر نِعَمه، وَيَجْعَلهَا وُصْلَة يَتَوَصَّل بِهَا إِلَى مَعَاصِيه .

قال أبو سياف؛ لا يصح حمل الآية على الكفر الأكبر لأن سليمان عليه السلام معصوم من الكبائر كسائر الأنبياء، فكيف يقال أن الآية في الكفر الأكبر؟

6) قال تعالى؛ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّه،ِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ:  

 قال الطبري؛ وَمَنْ يَشْكُر فَإِنَّمَا يَشْكُر لِنَفْسِهِ، يَقُول : وَمَنْ يَشْكُر اللَّه عَلَى نِعَمه عِنْدَهُ فَإِنَّمَا يَشْكُر لِنَفْسِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ يُجْزِل لَهُ عَلَى شُكْره إِيَّاهُ الثَّوَابَ وَيُنْقِذهُ بِهِ مِنَ الْهَلَكَة،

وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّه غَنِيّ حَمِيد، يَقُول : وَمَنْ كَفَرَ نِعْمَةَ اللَّه عَلَيْهِ؛ إِلَى نَفْسه أَسَاءَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ مُعَاقِبُهُ عَلَى كُفْرَانه إِيَّاهُ، وَاللَّه غَنِيّ عَنْ شُكْره إِيَّاهُ عَلَى نِعَمه، لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّ شُكْرَهُ إِيَّاهُ لَا يَزِيد فِي سُلْطَانه، وَلَا يَنْقُص كُفْرَانه إِيَّاهُ مِنْ مُلْكه، وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ؛ حَمِيد؛ مَحْمُود عَلَى كُلّ حَال، لَهُ الْحَمْد عَلَى نِعَمه، كَفَرَ الْعَبْد نِعْمَتَهُ أَوْ شَكَرَهُ عَلَيْهَا.

قال أبو سياف؛ الكفر في هذه الآية هو الكفر اﻷصغر لقرائن؛

منها ؛ لفظ الشكر في الآية ويقابله كفر النعم،

ومنها؛ أن لقمان الحكيم من خيرة عباد الله المتفكرين الصالحين واللائق به أن ي

نتهي عن الكفر الأصغر مع الأكبر،

ومنها؛ أن النهي عن الكفر الأصغر يدخل فيه الكفر الأكبر من باب أولى.

والقاعدة في الأسماء ؛

اسم الكفر والظلم والفسق والفساد والخسارة والمجرم وغيرها من الأسماء أن كانت خطابا للمؤمنين فهي الذنب الذي لا يخرج من الملة، وإن كانت خطابا للكافرين فهي الكفر المخرج من الملة، كما قال ابن عباس وغيره، وشواهده من القرآن كثيرة، وهو قول أهل السنة،

التفسير بالمعنى اللغوي عند عدم إرادة المعنى الشرعي والسياق يوضحه؛

ومثاله التيمم في قوله تعالى؛ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ، فلا يصح حمل التيمم على المعنى الشرعي،

وكذلك ورد الكفر في عدة آيات وتفسر بالمعنى اللغوي لكلمة الكفر وهو الجحود والستر والتغطية:

7) قال تعالى؛ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ: أي جحدت شرككم بي.

8) قال تعالى؛ وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا، كَلَّا ۚ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا:

قال البغوي؛ سيكفرون بعبادتهم؛ أي تجحد الأصنام والآلهة التي كانوا يعبدونها عبادة المشركين ويتبرءون منهم.

9) قال تعالى؛ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ:

قال ابن كثير؛ وبنعمة الله هم يكفرون: أي يسترون نعم الله عليهم ويضيفونها إلى غيره.

قال السعدي؛ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ: يجحدونها ويستعينون بها على معاصي الله والكفر به.

10) قال تعالى؛ وَكَانَ الْإِنسَانُ كَفُورًا:

قال القرطبي؛ طبع الإنسان كفورا للنعم إلا من عصمه الله.

وقال ابن كثير؛ وكان الإنسان كفورا: أي سجيته هذا ينسى النعم ويجحدها إلا من عصم الله.

ومنها قوله تعالى: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ:

قال ابن كثير؛ فكفرت بأنعم الله؛ أي جحدت آلاء الله عليها وأعظمها بعثة محمد صلى الله عليه وسلم اليهم كما قال تعالى؛ ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار.

11) قال تعالى؛ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِين:

قال ابن كثير؛ ألم نربك فينا وليدا…الآية أي أما أنت الذي ربيناه فينا وفي بيتنا وعلى فراشنا وأنعمنا عليه مدة من السنين ثم بعد هذا قابلت ذلك الإحسان بتلك الفعلة أن قتلت منا رجلا وجحدت نعمتنا عليك ولهذا قال؛ وأنت من الكافرين؛ أي الجاحدين قاله ابن عباس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم واختاره ابن جرير.

وقال البغوي؛ وأنت من الكافرين؛ قال الحسن والسدي : يعني وأنت من الكافرين بإلهك وكنت على ديننا هذا الذي تعيبه، وقال أكثر المفسرين : معنى قوله : وأنت من الكافرين؛ أي من الجاحدين لنعمتي وحق تربيتي، يقول؛ ربيناك فينا فكافأتنا أن قتلت منا نفسا وكفرت بنعمتنا.

أيها المسلم ؛ 

سأذكر لك بعض الآيات – حتى لا أطيل – وفيها لفظ الكفر ولا يصح تفسيرها إلا بالمعنى اللغوي، فلا يصح تفسيرها بالمعنى الشرعي ؛ لا بالكفر الأكبر ولا بالكفر الأصغر ؛

12) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ، ال عمران ١١٥

13) ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ، العنكبوت ٢٥

14) وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ، فاطر ١٤

15) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ، غافر ٨٤

16) كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا….، الممتحنة ٤

ومن ذلك تكفير السيئات في عشرات المواضع.

أيها المجاهد ؛

لا تغتر بتعظيم الدين فالخوارج من أكثر الناس تعظيما للقرآن مع استحلال الدماء،

ولا تندهش من قوة الاستنباط فالمعتزلة هم رواد الأصول والاستدلال،

ولا تعجب بسعة الاطلاع والثقافة فالفلاسفة أكثر الناس فكرا وثقافة والحادا،

وإنما هي ظلمات بعضها فوق بعض بالنسبة لنور النبوة وهداية القرآن،

فالزم غرز الحديث وإجماع الأئمة وفطرة العجائز، ودع عنك الشذوذ والانحراف،

أيها المجاهد؛ 

الكارثة الكبرى بين المسلمين؛ هم الذين يجعلون جرائمهم جهادا، وفسادهم اصلاحا، وضلالهم توحيدا،

أضف تعليق