الانتصار الإسلامي أم الانتقام الجاهلي بالغوطة

nzeer

الشيخ ماجد الراشد

مقدمة ؛

ذهب أبو سمير الأردني- وهو أحد السبعة الذين أرسلهم البغدادي للشام – إلى الغوطة للقيام بالعمليات العسكرية إلى جنب المظاهرات السلمية، 

أبو سمير الأردني كأشد المناهجة تعصبا للمنهج قام بدوره كاملا في توزيع الاتهامات والتخوين والتكفير على كل من يخالف المنهج وفي مقدمتهم القائد زهران علوش لأنه يتلقى دعما من قطر وتركيا وغيرهما، 

تعلم كثيرون من ابي سمير الأردني هذه المصيبة الكبيرة، ولذلك عندما ترك الجبهة وانضم لداعش لم تتوقف الاتهامات ، بل زادت مع زيادة قوة جيش الإسلام ومحاولة اسقاطة، وأصبحت المعركة بالنسبة للفصائل هي معركة إثبات وجود خاصة مع تهميش جيش الإسلام للفصائل الأخرى، والانفراد بإدارة الغوطة عن طريق القضاء الموحد، تماما كما تفعل جبهة النصرة بالشمال عن طريق دار القضاء،

بالطبع لن أستطيع أن أستعرض تاريخ كل فصيل وما له وما عليه بحسب متابعتي للأحداث ولكنني أريد تقديم صورة مختصرة يفهم القارئ من خلالها ما يدور في الغوطة وغيرها عسى أن تتضح الصورة لمن يستطيع أن يفعل شيئا أو على الأقل ليشعر القادة أن الناس واعية وان العاقبة للصدق في المواقف والأقوال والأفعال.

1 ) معارك الاتهامات ؛

نتج عن الاتهامات التي وجهها أبو سمير الأردني وأتباعه إلى جيش الإسلام وقيادته اتهامات مضادة كوصفهم بالخوارج والدعوى إلى استئصالهم، 

بالطبع كل حدث يحدث بالغوطة يحاول الطرفان اقتناصه وتجييره لصالحه وإسقاط خصمه من خلاله ، وهكذا استمرت المعارك الكلامية مع كل حدث وخاصة مواقف الاستبداد التي يقوم بها جيش الإسلام مع خصومه حتى وصل الأمر إلى رفض تكوين فصيل لأحرار الشام بالغوطة وهو من أكبر الفصائل المتواجدة في جميع أنحاء سوريا،

لقد كانت سياسة الاستبداد هي السبب في تجييش الفصائل ضد جيش الإسلام كما أن سياسة الاستبداد التي يمارسها المناهجة هي السبب في شيطنتهم. 

2 ) اعتداءات جيش الإسلام ؛

جيش الإسلام هو القوة الكبرى بالغوطة، وشعوره بالقوة جعله يفكر بالانفراد بحكم الغوطة وتهميش الفصائل الأخرى بل والاعتداء على مقرات بعض الفصائل الصغيرة مما جعل هذه الفصائل تفكر بالانضمام لبعض حتى تحمي نفسها ومع ذلك حصل الاعتداء من جيش الإسلام على مقرات فيلق الرحمن مع اتحاده مع الاجناد،

كل هذه الأحداث مع وجود المناهجة في جبهة النصرة الذين ينتظرون كل فرصة لاقتناصها للنيل من جيش الإسلام هي التي أشعلت فتيل الحرب بالغوطة.

3 ) الدم الحرام سبب كل بلاء ؛

حدثت جريمة اغتيال الشيخ أبي أحمد عيون، وظهرت معلومات ليست مؤكدة تتهم الأمنيين في جيش الإسلام ، ولن أتحدث عن مواقف الناس تجاه هذه الجريمة ولكن جيش الإسلام بحكم انه يملك القضاء الموحد في الغوطة يفترض منه تحمل مسؤولياته وإصدار البيانات عن أي حدث فيها ، وسكوته عن الجريمة مع ظهور أشرطة فيديو لمنشقين عنه تجعلنا ننظر إلى جيش الإسلام من خلال هذه المعلومات بنظرة الاتهام حتى يأتي الدليل الفاصل، فالقرائن معتبرة شرعا مع عدم وجود الأدلة، فلو رأيت رجلا مضرحا بدمه وآخر معه سكين ملطخة بالدم وهو هارب لكانت هذه القرائن كافية للاتهام اذا انعدمت الأدلة،

المعلومات يحولها التحقيق والقضاء إلى أدلة أو إفتراءات، ولكن المعلومة مهمة اليوم في زمن الإعلام المفتوح،

ثم جاءت الجريمة الأخرى بمحاولة اغتيال الشيخ خالد طفور ومقتل مرافقه لتتهيأ فرصة عظيمة لاستغلالها من قبل المناهجة.

4 ) المناهجة وإشعال فتيل الحرب والفتنة ؛

أعلنوا عن إنشاء جيش الفسطاط واستغربت رفض قيادة الأحرار الدخول فيه حتى توالت الأحداث وعلمت حكمتهم بالبعد عن مواقع الفتن وعدم استغلالهم من قبل المناهجة،

كانت أول عملية ﻷمني جيش الفسطاط هي اعتقال المتهم الذي رآه بعض الناس وعرفوه وتم تسجيل اعترافاته ونشرها بالفيديو لتجييش الناس معهم في الحرب، فهؤلاء الذين احتلوا معرة النعمان وسفكوا الدم الحرام بسبب سقوط رايتهم على الأرض ماذا سيفعلون مع وجود دليل لديهم على عدوهم جيش الإسلام؟

لا أدري إن كان السبب في إنشاء جيش الفسطاط هو امتلاكهم لهذا الدليل أم أنها فكرة سابقة له ؟ لكنني لن احسن الظن فيمن سبق له سفك الدماء من أي فصيل كان ،

غرفة عمليات جيش الفسطاط لم تعط فرصة لأحد للإصلاح ولم تتدرج في محاولة إقامة القصاص، بل لما اتفقت بعض الأطراف على إصدار بيان في الصباح لتسليم القتلة سارع جيش الفسطاط (جبهة النصرة وفيلق الرحمن وفجر الأمة ) فجرا بتطويق جميع مقرات جيش الإسلام في الغوطة إلا دوما لعدم قدرتهم عليها، بل واستخدموا راية جيش الإسلام على سياراتهم ليفاجئوا عدوهم! وأكثر مقرات جيش الإسلام سلموا أنفسهم ما عدا زملكا وبعض المناطق،

ويريد جيش الفسطاط تشكيل طوق من منطقة المرج حتى مسرابا لمحاصرة دوما لارغامهم على تسليم المتهمين إلى محكمة كونوها وأحد القضاة فيها الشيخ طفور الذي تعرض لمحاولة الاغتيال! 

استنفر جيش الإسلام كل قوته لصد الحصار واستهدف جيش الفسطاط بكل ما يملك من أسلحة، وخاصة في مسرابا والاشعري والمناطق الجنوبية، وهكذا اشتعلت الحرب ،

يردد أنصار جيش الفسطاط أن جيش الإسلام قد نوى مداهمة مقرات فيلق الرحمن ، وهذه شماعة يرددها الدواعش كثيرا اذا عجزوا عن إدانة خصومهم اتهموه بالنوايا،

ومع اني لا أجزم بنفي هذه النية عن جيش الإسلام إلا أنها لا تبرر الانتصار الجاهلي الذي قام به المناهجة بواجهة جيش الفسطاط وجعل فيلق الرحمن رأس الحربة فيه ،

5 ) ما الذي يحدث الآن في الغوطة ؟ 

ما يحدث في الغوطة هو سياسة اليهود في فلسطين بفرض الأمر الواقع بقوة السلاح خاصة مع وجود المبررات الشرعية والمعارك الكلامية؛ فهؤلاء خونة مرتدون وهؤلاء خوارج مارقون،

لذلك لست متفائلا كثيرا في نجاح أي صلح إلا إذا تحمل القادة مسؤولياتهم أمام الناس واصدروا بيانات صوتية أو مؤتمرات صحفية كما فعل الجولاني قبيل مؤتمر الرياض ،

فيلق الرحمن أصدر بيان يطالب جيش الإسلام بتسليم المتهمين للمحكمة التي شكلها وهذا غير مقبول عرفا وفيلق الرحمن أقل من أن يتحدث بهذه اللغة الاستعلائية وإنما هو واجهة لجيش الفسطاط الذي هو واجهة لجبهة النصرة ،

والمسؤولية الآن في إيقاف الحرب على القائد الجولاني بوقف القتال وفك الحصار وسنكون مع فيلق الرحمن للمطالبة بالقصاص بالطرق الصحيحة ،

أما سكوته فهو مزيد من الوقت لاتباعه لحسم الأمر ، ولكن جيش الإسلام ليس لقمة سائغة ولا يمكن القضاء عليه إلا بعد دمار كبير وآلاف القتلى ، 

وآخر من يتحدث عن الدماء هم المناهجة الذين تلطخت أيديهم بالدماء في كل مكان من سوريا ، بل أقول ليس هناك بعد بشار وأنصاره أعظم خطرا على الثورة السورية من المناهجة سواء كانوا الدواعش في الماضي أو إخوانهم في جند الأقصى أو غلاة النصرة أو غلاة جيش الإسلام أو أي فصيل آخر، 

6 ) كل الأطراف في فتنة الغوطة ارتكبت العدوان ولكن الانتقام الجاهلي جريمة كبرى قام بها جيش الفسطاط كما فعل إخوانهم في معرة النعمان ، وصدق الشيخ أبو ماريا حين قال ؛ أكذب مقولة عند الإسلاميين هي تحكيم الشريعة.

الانتقام الجاهلي والرغبة في استئصال الآخرين هو سيد الموقف من جميع الأطراف الآن بعد أن بدأ جيش الفسطاط بالانتقام الجاهلي كردة فعل على عدوان جيش الإسلام، فلا يوجد طرف بريء وامامهم طريقان؛ 

الأول ؛ استمرار الحرب وهو الذي أتوقعه لوجود فكرة الاستئصال عند الطرفين 

الثاني؛ أن يتدخل قادة الفصائل وأخص الجولاني ﻷنه قادر على إيقاف الحرب

وأخشى ما أخشاه أن يخاف الجولاني من الانشقاقات بسبب قرار إيقاف الحرب فيقدم مصلحة الفصيل والحزب على مصلحة الثورة السورة والجهاد بشكل عام،

اللهم خيب ظني في الأحداث والقادة، وارزقنا حلا لمشاكلنا من حيث لا نحتسب.

أضف تعليق