قتال الطائفة الممتنعة بين الإصلاح والإفساد

قتال الطائفة الممتنعة بين الإصلاح والإفساد

الشيخ ماجد الراشد

مقدمة ؛

الطائفة التي تمتنع عن شعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة كالأذان والجهاد، أو تفعل منهيا عنه كالربا فإنها تقاتل قتال المسلمين لا قتال المرتدين وهذا قول جمهور أهل السنة ومنهم الأئمة الأربعة في مانعي الزكاة فكيف بما دون الزكاة؟

أظن المسألة واضحة في حق أهل القبلة جميعا ممن لا يكفرون بأمور أخرى .

هناك من يقول أن أبا بكر قاتل مانعي قتال ردة، ويفهم هذا من كلام ابن تيمية، ولم أجد أحدا من الفقهاء قال بأن الطائفة الممتنعة تقاتل قتال ردة ، وحديث ابي هريرة في الصحيحين في مناقشة عمر لأبي بكر وجوابه يدل على أنهم ليسو مرتدين عندهما اذا لو كانوا مرتدين عند عمر لما اعترض على أبي بكر في قتالهم، ولو كانوا مرتدين عند أبي بكر لما علل القتال بمنع الزكاة وترك التعليل بالردة ، وهذا لفظ الحديث في الصحيحين؛

<لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب قال عمر بن الخطاب لأبي بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله، فقال أبو بكر والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه، فقال عمر بن الخطاب فوالله ما هو إلا أن رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق> خ1399 ، م 133 

وسأفترض جدلا أن أبا بكر قاتلهم قتال ردة وأن الناس تركوا قوله، وإذا أثبت أحد أن من الفقهاء من قال بأن الطوائف الممتنعة تقاتل قتال ردة فسأعتبر أن المسألة خلافية وأتراجع عن قولي.

1) المقدسي وأبو قتادة اعتبرا قتال الطائفة الممتنعة قتال ردة والفرق بينهما ؛

أن المقدسي يكفر جميع أفراد الطائفة الممتنعة بأعيانهم

أما أبو قتادة فيكفر الطائفة الممتنعة لا بأعيانهم

وهكذا انقسم المناهجة في الشام في حكم الجيش الحر ؛

فبعضهم يراهم كفار لا بأعيانهم كرأي أبي قتادة وهو الذي يتبناه العريدي،

وبعضهم يراهم كفار بأعيانهم وهو الذي تبناه ذكران المنهج وهم الدواعش،

فالأصل عند ذكران المنهج وإناثه كفر الجيش الحر، لأنهم يعتبرونهم طائفة ممتنعة، 

مع أنه لم يصدر عنهم ما يدل على ذلك، ولم أسمع أن فصيلا من الجيش الحر امتنع عن المحاكم الشرعية المستقلة، بخلاف المناهجة الذين لا يقبلون إلا بمحاكمهم،

فإن قيل ؛ هم يريدون تحكيم القوانين الغربية؟

قلنا؛ كل من يريد تحكيم القوانين الغربية أو غيرهما مما يخالف الشريعة فقد وقع في الكفر، ولكن عليكم أن تثبتوا أنهم يريدون استبدال أحكام الشريعة بالقوانين.

2) المقدسي قال في تغريدة له من حسابه؛

كثر السؤال عن حكم القتال تحت قيادة وتوجيه الجيش التركي وطيران أمريكا في #جرابلس لتحكيم حكومة الائتلاف الوطني فيها فأقول : هذا العمل ردة عن الإسلام. انتهى،

وسأتكلم عن ما فيها من مغالطات وتدليس ؛

1- ما حكم حكومة الائتلاف الوطني عند المقدسي؟ 

هم طائفة ممتنعة وهم كفار بأعيانهم ، وهذه سبق الكلام عليها،

2- ما حكم الجيش التركي عند المقدسي؟

الجيش التركي عند المقدسي كفار بأعيانهم ، 

ولقد أحسن د. أيمن هاروش في مناقشة هذه المسألة في بحث له أحيلكم عليه حتى لا أطيل،

3- عطف قيادة وتوجيه الطيران الأمريكي على الجيش التركي وهذا تدليس لأن القيادة لا تكون إلا للأتراك أو الأمريكان ، ولا يمكن أن تكون للمعركة الواحدة قيادتان، 

والمعروف أن أردوغان أراد استغلال تورط أمريكا بالانقلاب عليه لفرض منطقة آمنة مع رفض أمريكا لها ، ومن تابع الأخبار خلال الأسبوع الفائت يعلم ذلك ،

وأردوغان لن يحتل الشمال السوري وإنما أراد القضاء على الأكراد حتى لا تستخدمهم أمريكا أو غيرها ضده فيبتزوه بالأكراد، ودعم أمريكا للأكراد مشهور مع تصنيفهم لهم منظمة إرهابية!

فليست القيادة للأمريكان وإنما قيادة الجيش التركي للأتراك وقيادة فيلق الشام وغيره من الفصائل المشاركة ليست للأتراك ولا للجيش التركي وان كان هناك تنسيق بينهم ، 

ثم إن الأتراك سيخرجون ويسلمون المنطقة لفصائل الجيش الحر،

فهي في الواقع ليست إعانة ولا استعانة وإنما تدخل الجيش التركي لمصلحته فوجد الجيش الحر فرصته للتنسيق معه ، لأن التدخل في حدود الدول خط أحمر عند دول العالم ،

ولو سلمنا جدلا أن الجيش الحر استعان بالجيش التركي فهذه استعانة جائزة بلا خلاف بين الفقهاء اذا كان الجيش التركي مسلما ، 

ولو سلمنا جدلا أن الجيش التركي كافر فالأحناف يجيزونها لأن الغلبة على الأرض للجيش الحر،

ومن المعلوم أن أغلب السوريين على مذهب أبي حنيفة والشافعي ، 

وكل هذه الأحكام بغير ضرورة ، فكيف مع الضرورة؟ 

وكيف بالمناطق التي يسيطر عليها ملاحدة الأكراد الموالون لبشار؟؟

3) تأصيل مسألة الاستعانة والإعانة؛

1- إعانة الكافر في حربه ضد المسلمين كفر بالإجماع،

2- لا خلاف في جواز الاستعانة بالكفار لدفع الغرق والفيضانات والحرائق ونحوها،

3- تجوز الاستعانة بالكافر على قتال الكفار عند الجمهور وهو رواية عن أحمد والشافعي،

4- الاستعانة بالكافر لقتال البغاة حرمها الجمهور وأجازها الأحناف بشرط أن تكون الغلبة لنا

وأنت تلاحظ أننا إذا اعتبرنا حزب البي كي كي والخوارج كفارا فلا اشكال في جواز الاستعانة بالجيش التركي مع القول بكفره، وأما مع القول بإسلامه فلا خلاف في جوازه.

4) وأخيراً ؛ للمقدسي الحق في أن يكتب بحثا في هذه المسألة ويذكر الحجج والبراهين والأدلة التي لن يجدها من خلال القص واللصق وعندها أقول؛ هذا الرجل عنده أدلة ، 

أما إصدار فتاوى بالكفر والردة وسفك الدماء بلا أدلة ولا براهين فمن الفساد في الأرض،

ولو سلمنا جدلا أنه استطاع أن يثبت أن الثوار يريدون إقامة حكومة كافرة بالأدلة -وهو محال- لكان من العقل والحكمة الكف عن هذه الفتوى التي ربما تشعل الحرب بين الفصائل والمستفيد منها بشار فقط،

هنيئا لبشار بالمقدسي وأمثاله.

ولو عمل المقدسي بنصائحه التي يغرد بها وكف لسانه لتردد كثير من المناهجة في سفك الدماء، بل لو تعامل مع الأحداث في سوريا كما يتعامل معها في الأردن لقلت الدماء التي تسفك بالحرام ، وبعد أسبوع ستبدأ الانتخابات في الأردن وسنرى هل تكثر الأسئلة عليه ويجيب أم يكتفي بالإحالة على كتبه القديمة؟؟

أضف تعليق