تخريج الآثار الواردة في الحكم بغير ما أنزل الله

nzeer

الشيخ ماجد الراشد

مقدمة؛
أخطر مسألة معاصرة هي الحكم بغير ما أنزل الله، وهي التي بسببها استبيحت دماء المجاهدين من قبل الغلاة، ويكفي المنصف أقوال السلف فيها، وعندما تكلم الناس بآرائهم وابتدعوا لأنفسهم منهجا وطريقة ومذهبا حدث الخلاف والشقاق في الأمة واستبيحت الدماء، وانشغلنا عن أعداء الإسلام، لذلك سوف أذكر كل الآثار في الحاكمية عن السلف مع الحكم عليها بالصحة والضعف على طريقة المتقدمين من المحدثين، مع الإشارة إلى الحكم على طريقة المتأخرين،
ولا بد من التفريق بين الحاكم الجائر والحاكم المبدل؛
فالحاكم المبدل للشرع كافر بالإجماع، حكاه جماعة، بل لو بدل حكما واحدا مجمع عليه مقطوع به فهو كافر كمن قال صلاة الفجر ليست واجبة أو جعل الصيام في شوال بدلا من رمضان، ونحو ذلك فكيف بمن بدل الشريعة كلها بقوانين وضعية؟
وتبديل الشريعة هو كفر أهل الكتاب، قال الله تعالى؛ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ، وهي طاعة علمائهم في تحليل الحرام، وتحريم الحلال،
وقال تعالى؛ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ، أي أطعتموهم في تحليل الحرام إنكم لمشركون،
والآيات والأحاديث متواترة في هذا،
وإنما الحديث عن الذي يجور في الحكم مع القدرة عليه، مع اعتقاده أن هذا مخالف لشرع الله.
أما مع عدم القدرة عليه كحال النجاشي وحكم يوسف في دين الملك ونحو هؤلاء ممن لا يستطيعون تحكيم الشريعة فليسوا مقصودين بالبحث. وهذا أوان الشروع فيه:

أولا ؛ حديث البراء بن عازب :

1)روى مسلم في صحيحه 1700 وأبو داود 4448 من طرق عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ بِيَهُودِيٍّ مُحَمَّمًا مَجْلُودًا فَدَعَاهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ، قَالُوا نَعَمْ. فَدَعَا رَجُلاً مِنْ عُلَمَائِهِمْ فَقَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُم. قَالَ لاَ وَلَوْلاَ أَنَّكَ نَشَدْتَنِي بِهَذَا لَمْ أُخْبِرْكَ نَجِدُهُ الرَّجْمَ وَلَكِنَّهُ كَثُرَ فِي أَشْرَافِنَا فَكُنَّا إِذَا أَخَذْنَا الشَّرِيفَ تَرَكْنَاهُ وَإِذَا أَخَذْنَا الضَّعِيفَ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ قُلْنَا تَعَالَوْا فَلْنَجْتَمِعْ عَلَى شيء نُقِيمُهُ عَلَى الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ فَجَعَلْنَا التَّحْمِيمَ وَالْجَلْدَ مَكَانَ الرَّجْمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا أَمْرَكَ إِذْ أَمَاتُوهُ. فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ؛ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ…إِلَى…إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ؛ يَقُولُ ائْتُوا مُحَمَّدًاَ فَإِنْ أَمَرَكُمْ بِالتَّحْمِيمِ وَالْجَلْدِ فَخُذُوهُ وَإِنْ أَفْتَاكُمْ بِالرَّجْمِ فَاحْذَرُوا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ.وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ،وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ: فِي الْكُفَّارِ كُلُّهَا)ولفظ أحمد 18529صريح بالرفع.
وهذا حديث صحيح صريح في أن آيات الحاكمية في سورة المائدة نزلت في اليهود لما بدلوا الحدود، أي أن آيات الحاكمية نزلت في الحاكم المبدل لا في الحاكم الجائر، ولو كنت مناصرا لرأيي لأخذت بظاهره لعلمي أن كثيرا من الغلاة مفلسون في الحديث ودراسة الأسانيد، ولكن والله بغيتي الحق وهداية الخلق، فإن مسألة الحاكمية هي سبب ضلال الخوارج الأولين وانحراف الغلاة المتأخرين،
ولذلك أقول هذا الحديث لا يستدل به إلا على طريقة المتأخرين من المحدثين الذين يقبلون جميع أحاديث الثقات ولا يرجحون بينها عند التعارض،
أما على طريقة المتقدمين من المحدثين فلا يحتج به لوجود معارض أرجح منه؛

2)رواه (وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ بِهَذَا الإِسْنَادِ. نَحْوَهُ إِلَى قَوْلِهِ فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَ. وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ مِنْ نُزُولِ الآيَةِ)م1700 وأبو معاوية أقوى من وكيع في الأعمش في الجملة ولكن دلت القرائن على أن حديث وكيع أرجح ، إذ لا يوجد لأبي معاوية متابع ولا شاهد ، ولوكيع شاهد في الصحيحين عن ابن عمر بمعناه ولم يذكر نزول الآيات وشواهد أخرى ليس فيها كلها نزول الآيات فدل على أن طريق وكيع هي الراجحة، ومما يدل على صحة هذا الترجيح أن عبيدة رواه عن الأعمش بنحو حديث أبي معاوية ولم يذكر آيات الحاكمية بل آية؛ لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. تط9316 (تط؛تفسير الطبري)
ثانيا : حديث عبد الله بن مسعود ؛

3)رواه(الْمَسْعُودِي عَنْ بُكَيْر بْن أَبِي بُكَيْر عَنْ مُسْلِم بْن صُبَيْح قَالَ : شَفَعَ مَسْرُوق لِرَجُلٍ فِي حَاجَة فَأَهْدَى لَهُ جَارِيَة فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا وَقَالَ : لَوْ عَلِمْت أَنَّك تَفْعَل هَذَا مَا كَلَّمْت فِي حَاجَتك وَلَا أُكَلِّم فِيمَا بَقِيَ مِنْ حَاجَتك، سَمِعْت اِبْن مَسْعُود يَقُول : مَنْ شَفَعَ شَفَاعَة لِيَرُدّ بِهَا حَقًّا أَوْ يَرْفَع بِهَا ظُلْمًا فَأُهْدِيَ لَهُ فَقَبِلَ فَهُوَ سُحْت، فَقِيلَ لَهُ : يَا أَبَا عَبْد الرَّحْمَن مَا كُنَّا نَرَى ذَلِكَ إِلَّا الْأَخْذ عَلَى الْحُكْم؟ قَالَ : الْأَخْذ عَلَى الْحُكْم كُفْر) تط 9347 وسنده ضعيف؛ المسعودي ضعيف عندهم لاختلاطه،
4 )ورواه(شريك عن السدي عن أبي الضحى عن مسروق قال سئل عبد الله عن السحت؟ فقال الرشى، قيل له في الحكم؟ قال؛ ذاك الكفر، ثم قرأ؛ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)طب9098،الخلال 1411،وسنده ضعيف؛ السدي مختلف فيه وهو إلى الضعف أقرب؛ عدله القطان وأحمد والنسائي وغيرهم،وجرحه ابن معين والبخاري وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم،
وشريك هو قاضي واسط وكان عادلا فاضلا شديدا على أهل البدع لكن تغير حفظه منذ ولي القضاء فجرحه جماعة، والراجح أنه ثقة إلا إذا خالف كما قال أحمد وابن معين،

5)ورواه(عُبَيْدَة عَنْ عَمَّار عَنْ مُسْلِم بْن صُبَيْح عَنْ مَسْرُوق قَالَ : سَأَلْت اِبْن مَسْعُود عَنْ السُّحْت أَهْوَ الرُّشَا فِي الْحُكْم ؟ فَقَالَ : لَا، مَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَل َ اللَّه فَهُوَ كَافِر، وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَهُوَ ظَالِم، وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَهُوَ فَاسِق، وَلَكِنَّ السُّحْت يَسْتَعِينك الرَّجُل عَلَى الْمَظْلِمَة فَتُعِينهُ عَلَيْهَا فَيُهْدِي لَك الْهَدِيَّة فَتَقْبَلهَا) تط 9349 وسنده جيد؛ عبيدة بن حميد عدله الجمهور خلافا لابن المديني،
وهذه الثلاثة رقم3+4+5 مدارها على أبي الضحى مسلم بن صبيح، وعند اختلافها في المتن فالراجح منها رقم 5، على أن هذا الراجح لا يستدل به إلا على طريقة المتأخرين لوجود معارض أقوى منه وهو ؛

6)ما رواه(الثوري وابن عيينة عَنْ عَمَّار الدهني عَنْ سالم بن أبي الجعد عَنْ مَسْرُوق قَالَ: سَأَلْت اِبْن مَسْعُود نحوه) هق20481،هش5116(البيهقي)ورجاله ثقات وسيأتي الكلام على سماع سالم من مسروق والخلاف على سالم بن أبي الجعد من عدة أوجه،

7)ورواه(حَكِيم بْن جُبَيْر عَنْ ابْن أَبِي الْجَعْد عَنْ مَسْرُوق قَالَ : سَأَلْت اِبْن مَسْعُود عَنْ السُّحْت، قَالَ : الرُّشَا، فَقُلْت : فِي الْحُكْم ؟ قَالَ : ذَاكَ الْكُفْر) تط 9345 وسنده ضعيف؛ حكيم ضعيف عند الجمهور خلافا لأبي زرعة،

8)ورواه(عبد العزيز العمي وجَرِير عَنْ مَنْصُور عَنْ سَالِم عَنْ مَسْرُوق عَنْ عَبْد اللَّه قَالَ:الرِّشْوَة سُحْت،فَقُلْنَا لِعَبْدِ اللَّه؛ أَفِي الْحُكْم؟ قَالَ: لَا، ثُمَّ قَرَأَ:وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ،وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ،وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ) تط9355،الخلال1413،ورجاله ثقات،

9)ورواه(شعبة عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن مسروق عن ابن مسعود قال؛ الجور في الحكم كفر والسحت الرشا)الخلال1426ورجاله ثقات

10) ورواه(فطر عن منصور عن سالم عن مسروق قال؛ سئل ابن مسعود عن السحت فقال؛ هي الرشا، قيل؛ في الحكم؟ قال؛ ذلك الكفر، وتلا؛ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)هق 20480 وهذا غير محفوظ:لأن 10+9+8مدارها على منصور، والراجح رواية الجماعة رقم8، ووافقهم شعبة على المعنى وخالفم فطر بن خليفة وهو شيعي جلد ثقة،
ويبقى السؤال ؛ هل سمع سالم من مسروق؟
باستعراض مرويات سالم بن ابي الجعد عن مسروق وجدت له سبعة آثار كلها خارج الكتب السبعة؛ ثلاثة منها لا تعد لوهم في واحد وشك في ثان وضعف في ثالث، والبقية؛ واحد منها مرفوع فقط ، ولم يصرح بالسماع في جميعها، وبين وفاتيهما قرابة 38 عاما: مات مسروق عام62، ومات سالم بن الجعد عام100 للهجرة، ولم يثبت لسالم سماعا من الصحابة إلا من أنس وجابر، مع كثرة ارساله عن الصحابة، ومات جابر عام 78، ومات أنس عام 92، أي أن مسروقا مات قبل جابر ب16 سنة، وكثرة إرساله هي التي جعلتني ادقق على مروياته، وليس لي مجال إلا استخدام القرائن للترجيح، ومن أراد اختصار الطريق والاكتفاء بالمعاصرة فله سلف،
وخالفهم الأعمش عن سلمة فلم يذكر مسروقا؛

11)فرواه(الْأَعْمَش عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل عَنْ سَالِم قَالَ: قِيلَ لِعَبْدِ اللَّه: مَا السُّحْت؟ قَالَ: الرِّشْوَة،قَيل؛فِي الْحُكْم؟ قَالَ: ذَاكَ الْكُفْر)تط 9338+8/429،أي تفسير الطبري،

12) ورواه(عَبْد الْمَلِك بْن أَبِي سُلَيْمَان عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل عَنْ مَسْرُوق وعَلْقَمَة والأسود أَنَّهُمَ سَأَلَوا اِبْن مَسْعُود عَنْ الرِّشْوَة فَقَالَ:هِيَ السُّحْت،قيل؛ فِي الْحُكْم؟ قَالَ:ذَاكَ الْكُفْر ثُمَّ تَلَا:وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ) تط 9346+18/467+432، الخلال1412
ورجاله ثقات لكن فيه علتان؛

الأولى؛ مخالفة الأعمش؛ لأن رقم 12+11مدارهما على سلمة بن كهيل، والأعمش أحفظ من عبد الملك، فيكون رقم 12 مرجوحا، فلا يحتج به عند المتقدمين،

الثانية ؛ الانقطاع بين سلمة بن كهيل والثلاثة؛ مسروق وعلقمة والأسود وقد دل على الانقطاع قرائن منها؛
– أن بين وفاته ووفاتهم قرابة ستين عاما، ومثل هذا يغلب على الظن عدم السماع منهم: مات سلمة عام121،ومات مسروق وعلقمة عام 62،ومات الأسود عام74
– عدم وجود رواية عنهم؛ اذا لم يرد عن سلمة عن مسروق وعلقمة والأسود غير هذا الحديث، وحديث؛ من يبغض عمارا يبغضه الله، ولا يصح لاضطرابه،
– الجادة أن بينه وبينهم رجل فأكثر كما في الطبقات 6/75، ش299، عب99، طص1182، طس3640، ك5685، الخلال1496، بل راوية هؤلاء الثلاثة هو إبراهيم النخعي ولم يرو عنه سلمة بن كهيل إلا حديث الجمل، ولم يصرح فيه بالسماع،
– أن سلمة بن كهيل موصوف بأنه يرسل،
فهذه قرائن قوية تدل على انقطاع الإسناد،
وخلاصة الخلاف على سالم بن أبي الجعد ؛
رواه عمار الدهني ومنصور وغيرهما عن سالم عن مسروق عن ابن مسعود برقم 6+8
ورواه سلمة بن كهيل عن سالم عن ابن مسعود برقم 11
والراجح رواية الجماعة.

13) ورواه(وَكِيع عَنْ حُرَيْث عَنْ عَامِر عَنْ مَسْرُوق قَالَ : قُلْنَا لِعَبْدِ اللَّه: مَا كُنَّا نَرَى السُّحْت إِلَّا الرِّشْوَة فِي الْحُكْم؟ فقَالَ عَبْد اللَّه؛ ذَاكَ الْكُفْر)تط 9338+ 8/430،وسنده ضعيف؛ حريث ضعفه الجمهور، وقيل؛ متروك.

14)ورواه(حماد الأبح عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود قال؛ الرشوة في الحكم كفر وهي بين الناس سحت)طب 9100(الطبراني)وسنده ضعيف؛ حماد مختلف فيه، وروى عن أبي اسحاق بعد الاختلاط.
فهذه جميع الطرق الواردة عن ابن مسعود في الحاكمية، والراجح منها رقم 6+8 وفيهما؛الكافرون،الظالمون، الفاسقون،وهي تدل على الكفر الأصغر من وجوه؛
– أن دلالة الظلم والفسق على الكفر الأصغر ظاهرة،
– طريق شعبة رقم 9 المجرد من لام التعريف،
– أن الاستدلال ببقية الآثار لا يكون إلا على طريقة المتأخرين مع وجود الاحتمال في لام التعريف،
وهنا وقفة نحوية حول معنى لام التعريف ؛
تأتي لام التعريف في اللغة العربية للعهد كقوله تعالى؛ فعصى فرعون الرسول؛ أي موسى عليه السلام، وهو معهود في الذهن،
وتأتي للجنس والنوع كقوله؛ الرجال قوامون على النساء
ولذلك قد يختلفون في معناها كما في الصحيح؛
(بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)م82
فقال أهل الحديث؛ اللام فيه للعهد أي الكفر الأكبر وكفروا تارك الصلاة،
وقال الفقهاء؛ اللام فيه لجنس الكفر وتحتمل الكفر الأكبر كما تحتمل الكفر الأصغر، وقد دلت أحاديث الشفاعة على الثاني، ولذلك لم يكفروا تارك الصلاة،
وكذلك هنا؛ اذا كانت اللام للعهد فهو الكفر الأكبر، وإذا كانت للجنس يكون الكفر محتملا للأصغر واﻷكبر، والشواهد كثيرة أكتفي منها بما يماثل حديث ابن مسعود؛
رواه(عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال؛ سئل ابن عباس عن الذي يأتي امرأته في دبرها فقال؛ هذا يسألني عن الكفر)الخلال1428سنده صحيح على شرطهما
ولام التعريف للكفر الأصغر بالإجماع إذ لم يقل أحد من أهل السنة أن إتيان المرأة في دبرها كفر أكبر،
وفي الصحيحين(عن منصور والأعمش وزبيد واللفظ له قال سألت أبا وائل عن المرجئة، فقال حدثني عبد الله مرفوعا؛ سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر)خ48،م65
فسمى القتال كفرا، وفرق بين الفسق والكفر، وأن القول بالفسق والكفر ينافي الإرجاء،
ومن القرآن؛
(وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله…فإنها نزلت في قتال بين الأوس والخزرج) طب12667،طش852: فسمي كفرا لا يراد به الكفر بالله. انتهى من مشكل الآثار.
ملاحظة؛ الرموز من السيوطي في الجامع الصغير،
وخلاصة ما ورد عن ابن مسعود ؛
رقم 5 سنده صحيح ولا يحتج به عند المتقدمين،
ورقم6+8+9رجالها ثقات، وهي أصح ما ورد عن ابن مسعود وتدل على أن الحكم بغير ما أنزل الله كفر أصغر،
ورقم10رجاله ثقات لكنه مخالف لرواية الجماعة مع احتمال لام التعريف لنوعي الكفر،
ورقم11 هو الراجح عن سلمة بن كهيل وهو منقطع،
ورقم 12منقطع ومرجوح، مع احتمال لام التعريف للكفر الأصغر والأكبر، وما سواها فالضعف فيه ظاهر،
ثالثا؛ حديث حذيفة ؛

15)ورواه(الثَّوْرِيّ عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيّ قَالَ: سَأَلَ رَجُل حُذَيْفَة عَنْ هَؤُلَاءِ الْآيَات: وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ،َهُمْ الظَّالِمُونَ،َهُمْ الْفَاسِقُونَ فَقِيلَ؛ ذَلِكَ فِي بَنِي إِسْرَائِيل؟قَالَ: نِعْمَ الْإِخْوَة لَكُمْ بَنُو إِسْرَائِيل إِنْ كَانَتْ لَهُمْ كُلّ مُرَّة وَلَكُمْ كُلّ حُلْوَة، كَلَّا وَاَللَّه لَتَسْلُكُنَّ طَرِيقهمْ قَدْر الشِّرَاك)تط9406ضعيف لانقطاعه

16)ورواه(الأعمش عن إبراهيم عن همام عن حذيفة نحوه) ك3218(الحاكم) حل4/179(الحلية)وسنده صحيح، وهو صريح أنها في أهل الكتاب وشاملة لمن فعل فعلهم.

رابعاً؛ حديث ابن عباس ؛

17)رواه(عَبْد الرَّزَّاق أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ اِبْن طَاوُس عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سُئِلَ اِبْن عَبَّاس عَنْ قَوْله؛ وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ، قَالَ؛ هِيَ بِهِ كُفْر، قَالَ اِبْن طَاوُس؛ وَلَيْسَ كَمَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَته وَكُتُبه وَرُسُله)تط8/466، وسنده صحيح ولكن متنه مرجوح لمعارضته بأقوى منه؛

18)رواه(الثوري عَنْ مَعْمَر عَنْ اِبْن طَاوُس عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَجُل لِابْنِ عَبَّاس فِي هَذِهِ الْآيَات: وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ، فَمَنْ فَعَلَ هَذَا فَقَدْ كَفَرَ، فقَالَ اِبْن عَبَّاس: إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ بِهِ كُفْر وَلَيْسَ كَمَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر) تط9418، طش852، الخلال1414 وسنده صحيح على شرطهما وهو أقوى حديث بالحاكمية.

19)ورواه(أبو حذيفة عن الثوري عن ابن طاوس به) طش852(الطحاوي) وهذا غير محفوظ لمخالفته الجماعة عن الثوري وهم؛ وكيع وأبو أسامة والفريابي،
وأبو حذيفة جرحه جماعة وعدله أبوحاتم، فلا تقبل منه،

20)ورواه(هشام بن حجير عن طاوس عن ابن عباس قال؛ إنه ليس بالكفر الذي تذهبون إليه، إنه ليس كفرا ينقل عن الملة، ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون؛ كفر دون كفر) ك3219، الخلال1419 وسنده ضعيف؛ هشام بن حجير قال عنه احمد؛ ليس بالقوي، وجرحه أبو حاتم، وعدله ابن معين في رواية،
21)ورواه(عَبْد اللَّه بْن صَالِح عن مُعَاوِيَة بْن صَالِح عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس: وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ، قَالَ: مَنْ جَحَدَ مَا أَنْزَلَ اللَّه فَقَدْ كَفَرَ، وَمَنْ أَقَرَّ بِهِ وَلَمْ يَحْكُم فَهُوَ ظَالِم فَاسِق)تط9423 وسنده ضعيف؛ علي بن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس، وعبد الله بن صالح جرت عادة الشيخ الألباني والارناؤط على تضعيفه، ومن تأمل كلام علماء الجرح والتعديل علم أن حديثه جيد إلا إذا تفرد فلا يقبل، وقد عدله ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم، وجرحه أحمد وابن المديني والنسائي، فهو مختلف فيه مع اتفاقهم على وجود أحاديث منكرة عنده افتعلها جار له ووضعها في حديثه، أما الرجل فهو تقي صالح، ولذلك كل ما تفرد به فهو ضعيف ومالم يتفرد به فهو حسن في أقل أحواله.

22)ورواه(الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنْ سُفْيَانٍَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال؛َ كَانَتْ مُلُوكٌ بَعْدَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَدَّلُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَكَانَ فِيهِمْ مُؤْمِنُونَ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ قِيلَ لِمُلُوكِهِمْ مَا نَجِدُ شَتْمًا أَشَدَّ مِنْ شَتْمٍ يَشْتِمُونَّا هَؤُلاَءِ إِنَّهُمْ يَقْرَءُونَ: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون….َ)تط5417 وسنده صحيح،
وهو نص صريح في أن الآيات في الحاكم المبدل للشريعة.

23)ورواه(اِبْن أَبِي الزِّنَاد عَنْ أَبِيهِ عن عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عُتْبَة عن ابن عباس قال: وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ،َ هُمْ الظَّالِمُونَ، هُمْ الْفَاسِقُونَ، هَؤُلَاءِ الْآيَات الثلاث نزلت فيْ اليَهُود، خاصة فيَ قُرَيْظَة)د3576
ولفظ حم2212(احمد)+طب10732مطولا وفيه قصة بني قريضة والنضير، وعدم المساواة بينهما بالدية.
وهذا سند حسن عند الألباني والارناؤط فقد جرت عادتهما في تحسين أحاديث ابن أبي الزناد، ولست أطمئن لهذا التحسين مع كثرة الكلام فيه؛ فقد ضعفه ابن معين مرات عديدة، ونقل عنه أنه قال؛ حديثه عن والده حجة،وقال أحمد والنسائي؛ مضطرب الحديث،وقال أبو حاتم؛لا يحتج به، ووثقه يعقوب بن شيبة، فيصلح شاهدا على الأقل،
ولم ينفرد بالقصة،بل هي مشهورة بالتفاسير والسير؛
فرواها يُونُس بْن بُكَيْر عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق قَالَ؛ ثني دَاوُد بْن الْحُصَيْن عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس:أَنَّ الْآيَات فِي الْمَائِدَة: فَإِنْ جَاءُوك فَاحْكُمْ بَيْنهمْ أَوْ أَعْرِض عَنْهُمْ…. الْمُقْسِطِينَ، إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي الدِّيَة فِي بَنِي النَّضِير وَبَنِي قُرَيْظَة، وَذَلِكَ أَنَّ قَتْلَى بَنِي النَّضِير كَانَ لَهُمْ شَرَف تُؤَدِّي الدِّيَة كَامِلَة، وَإِنَّ قُرَيْظَة كَانُوا يُؤَدُّونَ نِصْف الدِّيَة، فَتَحَاكَمُوا فِي ذَلِكَ إِلَى رَسُول اللَّه فَأَنْزَلَ اللَّه ذَلِكَ فِيهِمْ، فَحَمَلَهُمْ رَسُول اللَّهَ عَلَى الْحَقّ فِي ذَلِكَ، فَجَعَلَ الدِّيَة فِي ذَاكَ سَوَاء)تط9360 وهذا بمعنى حديث ابن أبي الزناد، واسناده جادة ضعيفة،
ورواها (عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى عَنْ عَلِيّ بْن صَالِح عَنْ سِمَاك عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : كَانَتْ قُرَيْظَة وَالنَّضِير، وَكَانَ النَّضِير أَشْرَفَ مِنْ قُرَيْظَة، فَكَانَ إِذَا قَتَلَ رَجُل مِنْ قُرَيْظَة رَجُلًا مِنْ النَّضِير قُتِلَ بِهِ، وَإِذَا قَتَلَ رَجُل مِنْ النَّضِير رَجُلًا مِنْ قُرَيْظَة أَدَّى مِائَة وَسْق تَمْر…نحوهِ)تط9361 واسناده جادة ضعيفة.
وخلاصة ما ورد عن ابن عباس ؛
رواية صحيحة رقم 18أنه كفر أصغر، ولها متابعان ضعيفان رقم 21+20
ورواية صحيحة رقم 22 في أن كفر أهل الكتاب بتبديلهم الشرع، ولها ثلاث متابعات ضعيفة رقم 23 مع شهرتها.

خامسا ؛ الآثار الواردة عن التابعين وأتباعهم؛

24)ورواه(وَكِيع عَنْ سُفْيَان عَنْ سَعِيد الْمَكِّيّ عَنْ طَاوُس: وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ،قَالَ:لَيْسَ بِكُفْرٍ يَنْقُل عَنْ الْمِلَّة) تط9417 وسنده حسن؛ سعيد بن زياد المكي؛ عدله ابن معين والنسائي، وقال الدارقطني؛ لا يحتج به، فمثله حسن الحديث ما لم يخالف،
ورواه(عبد الرزاق عن سفيان عن رجل عن طاوس مثله) تط9418 والرجل هو سعيد المكي ومع افتراض التعارض فوكيع أقوى من عبد الرزاق،
وهذا الأثر عن طاوس لا يتعارض مع ما سبق برقم18 لأن وكيعا رواهما جميعا عن الثوري، ومع افتراض التعارض فرواية الجماعة مقدمة.

25)ورواه(الثوري عَنْ اِبْن جُرَيْج عَنْ عَطَاء؛وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ،َهُمْ الظَّالِمُونَ،َهُمْ الْفَاسِقُونَ،قَالَ؛كُفْر دُون كُفْر،وَفِسْق دُون فِسْق،وَظُلْم دُون ظُلْم)تط9416،الخلال1417رجاله ثقات وعنعنة ابن جريج محمولة على السماع لأنه مكثر عنه،

26)ورواه(حَمَّادبْن سَلَمَة عَنْ أَيُّوب عَنْ عَطَاء مِثْله) تط8/464سنده جيد وبمجموعهما يكون صحيحا عن عطاء

27)ورواه(يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب قَالَ؛ قَالَ اِبْن زَيْد؛ وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ قَالَ؛ مَنْ حَكَمَ بِكِتَابِهِ الَّذِي كَتَبَ بِيَدِهِ وَتَرَكَ كِتَاب اللَّه وَزَعَمَ أَنَّ كِتَابه هَذَا مِنْ عِنْد اللَّه فَقَدْ كَفَرَ)تط8/461، وسنده صحيح إلى ابن زيد، وهو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم إمام بالتفسير وضعيف عند المحدثين.

28)ورواه(خلف بن خليفة عن منصور بن زاذان عن الحكم بن عتيبة عن أبي وائل عن مسروق قال: القاضي إذا أكل الهدية فقد أكل السحت وإذا قبل الرشوة بلغت به الكفر) س5683،ش21952سنده حسن،وهذا كقولهم؛ النظر بريد الزنى، وفي الصحيحين؛ زنا العينين النظر، وهو يدل على أن الاستمرار بالحكم بالجور ينتهي إلى التشريع والتبديل، وإلا فالرشوة لا علاقة لها بالكفر.

29)ورواه(الثَّوْرِيّ عَنْ مَنْصُور عَنْ إِبْرَاهِيم قَالَ:نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَات فِي بَنِي إِسْرَائِيل وَرَضِيَ لِهَذِهِ الْأُمَّة بِهَا) تط9419+8/466،الخلال1416وسنده صحيح،

30)ورواه(الْمُثَنَّىَ ثنا عَمْرو بْن عَوْن أَخْبَرَنَا هُشَيْم عَنْ عَوْف عَنْ الْحَسَن: وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُون،قَالَ:نَزَلَتْ فِي الْيَهُود وَهِيَ عَلَيْنَا وَاجِبَة)تط 9420، وسنده جيد؛ المثنى بن إبراهيم أكثر عنه الطبري مما يدل على سعة علمه، وبقيتهم ثقات،

31)ورواه(ابن مهدي عن حبيب بن سليم عن الحسن قال؛ نزلت في أهل الكتاب أنهم تركوا أحكام الله كلها) الخلال1423وسنده ضعيف؛حبيب قال الذهبي؛صالح، وقال ابن حجر؛ مقبول، وهو الراجح لأنه روى عنه جماعة ولم يذكر بجرح ولا تعديل عن المتقدمين،
فنزولها في أهل الكتاب صحيح عن الحسن بمجموعهما.

32)ورواه(الْمُثَنَّى ثنا إِسْحَاق ثنا مُحَمَّد بْن الْقَاسِم ثنا أَبُو حَيَّان عَنْ أَبِي صَالِح قَالَ؛ وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ،َ هُمْ الظَّالِمُونَ، هُمْ الْفَاسِقُونَ، لَيْسَ فِي أَهْل الْإِسْلَام مِنْهَا شَيْء، هِيَ فِي الْكُفَّار)تط 9402 سنده مظلم؛ محمد بن القاسم الأسدي كذاب،

33)ورواه(وَكِيع عَنْ أَبِي جناب عَنْ الضَّحَّاك؛ وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ، والظَّالِمُونَ، والْفَاسِقُونَ قَالَ؛ نَزَلَتْ هَؤُلَاءِ الْآيَات فِي أَهْل الْكِتَاب) الخلال1424، تط8/457، وسنده ضعيف؛ أبو جناب يحي الكلبي ضعيف عندهم، ووقع عند الطبري أبو حيان وهو خطأ مطبعي اذا لا رواية له عن الضحاك،ولا رواية لوكيع عنه.

34)ورواه(الثَّوْرِيّ عَنْ رَجُل عَنْ عِكْرِمَة قَالَ: هَؤُلَاءِ الْآيَات فِي أَهْل الْكِتَاب)تط9408 وسنده ضعبف،

35)ورواه (الْقَاسِم ثنا الْحُسَيْن قَالَ : ثني حَجَّاج عَنْ اِبْن جُرَيْج عَنْ عِكْرِمَة؛ وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ وَالظَّالِمُونَ وَالْفَاسِقُونَ، لِأَهْلِ الْكِتَاب كُلّهمْ لِمَا تَرَكُوا مِنْ كِتَاب اللَّه)تط9409 سنده ضعيف؛ فيه عنعنة بن جريج، والقاسم والحسين ليس لهما ترجمة،

36)ورواه (بِشْر بْن مُعَاذ ثنا يزيد ثنا سَعِيد عَنْ قَتَادَة؛ وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ، ذُكِرَ لَنَا أَنَّ هَؤُلَاءِ الْآيَات أُنْزِلَتْ فِي قَتِيل الْيَهُود الَّذِي كَانَ مِنْهُمْ) تط9409 وسنده جيد؛ بشر عدله أبو حاتم والنسائي ولم يجرح وبقيتهم ثقات.

37)ورواه(وكيع والثوري ويعلى وهُشَيْم عن زَكَرِيَّا بْن أَبِي زَائِدَة عَنْ الشَّعْبِيّ: وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ، قَالَ: فِينَا أَهْل الْإِسْلَام، وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ، قَالَ؛ فِي الْيَهُود، وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ، قَالَ: فِي النَّصَارَى) تط9413، الخلال1415وسنده صحيح،

38)ورواه(الثوري وشُعْبَة عَنْ اِبْن أَبِي السَّفَر عَنْ الشَّعْبِيّ بمعناه) تط8/463 وسنده صحيح

39)ورواه(اِبْن فُضَيْل عَنْ اِبْن شُبْرُمَة عَنْ الشَّعْبِيّ بمعناه) تط8/463 وسنده صحيح
وفي قول الشعبي إشكال كبير وهو؛ لماذا خص الآية الأولى بالمسلمين وخص الثانية والثالثة بأهل الكتاب مع ثبوت نزولها جميعا بأهل الكتاب؟

40)ورواه(أَحْمَد بْن مُفَضَّل ثنا أَسْبَاط عَنْ السُّدِّيّ: وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه، يَقُول؛ وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلْت فَتَرَكَهُ عَمْدًا وَجَارَ وَهُوَ يَعْلَم فَهُوَ مِنْ الْكَافِرِينَ) تط9422 وسنده ضعيف؛ السدي مختلف فيه وهو إلى الضعف أقرب، وأسباط بن نصر؛ جرحه وأبو زرعة والنسائي، وعدله ابن معين والبخاري، وأحمد بن المفضل شيعي صدوق؛ عدله أبو حاتم وابن أبي شيبة وجرحه الأزدي،

41)ورواه(مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان قَالَ : سَمِعْت عِمْرَان بْن حُدَيْر قَالَ؛ أَتَى أَبَا مِجْلَز نَاس مِنْ بَنِي عَمْرو بْن سَدُوس فَقَالُوا؛ يَا أَبَا مِجْلَز أَرَأَيْت قَوْل اللَّه؛ وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ، أَحَقّ هُوَ؟ قَالَ؛ نَعَمْ، قَالُوا؛ وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الظَّالِمُون، أَحَقّ هُوَ؟ قَالَ؛ نَعَمْ، قَالُوا؛ وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّه فَأُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ } أَحَقّ هُوَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَقَالُوا: يَا أَبَا مِجْلَز فَيَحْكُم هَؤُلَاءِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّه؟ قَالَ؛ هُوَ دِينهمْ الَّذِي يَدِينُونَ بِهِ، وَبِهِ يَقُولُونَ، وَإِلَيْهِ يَدْعُونَ، فَإِنْ هُمْ تَرَكُوا شَيْئًا مِنْهُ عَرَفُوا أَنَّهُمْ قَدْ أَصَابُوا ذَنْبًا، فَقَالُوا: لَا وَاَللَّه وَلَكِنَّك تَفْرَقُ، قَالَ؛ أَنْتُمْ أَوْلَى بِهَذَا مِنِّي لَا أَرَى وَإِنَّكُمْ تَرَوْنَ هَذَا وَلَا تَحَرَّجُونَ، وَلَكِنَّهَا أُنْزِلَتْ فِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَأَهْل الشِّرْك) تط8/457 وسنده صحيح

42)ورواه(الْمُثَنَّى ثنا حَجَّاج ثنا حَمَّاد عَنْ عِمْرَان بْن حُدَيْر قَالَ : قَعَدَ إِلَى أَبِي مِجْلَز نَفَر مِنْ الْإِبَاضِيَّة…نحوه) تط9405 وسنده جيد
فهذا كل ما ورد عن السلف في آيات الحاكمية، ومع كثرة العلماء الذين خرجوا على أمراء الجور إلا أنه لا توجد رواية صحيحة عن أحد منهم بتكفير حاكم جائر بعينه، ومن خالفني في هذه فله سنة كاملة يبحث فيها بجميع كتب أهل الإسلام، وسأنقل كلامه حرفيا بكتابي موسوعة أحاديث ابن عباس الذي أخرجت هذا المقال منه لأهميته.
وأعظم الحكام جورا في عهد السلف الحجاج بن يوسف، ولم أجد رواية صحيحة عن أحد من السلف في تكفيره، بل لم اجد رواية مسندة في تكفيره الا عن الشعبي؛ رواها ابن عساكر عن عمار بن أبي مالك عن أبيه عن الأجلح عن الشعبي قال؛ الحجاج مؤمن بالجبت والطاغوت كافر بالله) تاريخ دمشق 12/187 وسنده مظلم؛ الأجلح شيعي ضعيف عندهم الا ابن معين، وعمار وأبوه مجهولان.
وكان ابن عمر وعلماء السلف يصلون خلف الحجاج، بل ان الحجاج كان على الحج ومعه ابن عمر يستفتيه بأمر الأمويين، ولو كان كافرا عندهم لما صلوا خلفه،
قال ابن عبد البر؛ أجمعوا على أن الجور في الحكم من الكبائر لمن تعمد ذلك عالما به. التمهيد 5/74
وقال ايضا؛ ضلت جماعة من أهل البدع من الخوارج والمعتزلة فاحتجوا بآيات ليست على ظاهرها كقوله؛ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)التمهيد17/16 وأختم بقصة؛
(أدخل رجل من الخوارج على المأمون فقال له؛ ما حملك على خلافنا؟ قال؛ آية من كتاب الله، قال وما هي؟ قال؛ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون، فقال المأمون؛ ألك علم بأنها منزلة؟ قال؛ نعم، قال؛ وما دليلك؟ قال؛ إجماع الامة، قال؛ فكما رضيت بإجماعهم في التنزيل فارض بإجماعهم في التأويل، قال؛ صدقت) تاريخ بغداد 11/430، تاريخ دمشق 33/306وهنا أقول للغلاة؛ كما رضيتم بإجماعهم بتنزيلها فارضوا بإجماعهم بتفسيرها.
وخلاصة هذا البحث المفصل ما يلي ؛

أولا ؛ لا يوجد أثر صحيح عن السلف في تكفير الحاكم الجائر بعينه على طريقة المتقدمين من المحدثين.

ثانيا؛ لا يوجد متن صحيح ولا ضعيف على طريقة المتقدمين أو المتأخرين يدل على تكفيره إلا بالاحتمال.

ثالثا؛ توجد آثار صحيحة على طريقة المتقدمين تدل على عدم تكفيره وهي برقم 6+8+9+18+24+25+26+41

رابعا؛ توجد آثار صحيحة على طريقة المتأخرين تدل على عدم تكفيره برقم 1+5 مع وجود شواهد ضعيفة لها.

خامسا؛ توجد آثار على طريقة المتأخرين تدل على تكفيره مع احتمال معنى آخر لمتنها، ومع وجود احتمال الانقطاع في اسنادها وهي برقم 10+12،

سادسا؛ ما ورد عن الشعبي صحيح الإسناد برقم 37+38+39 ولكن متنه فيه اشكال واحتمال.
وإلى كل محب صادق أقول ؛ لا تتردد بالاستدراك،
وإلى كل مغالي أقول؛ استعن بمن شئت للرد على هذا المقال وإلا لزمك اتباع الحق،
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

أضف تعليق